التشفير
1- التشفير أو الترميز (علم الأسرار)، لم يكن علمًا إِلَّا مُؤخرًا، فهو علم يبحث عن تشفير مُعطيات حساسة وتحليلها. يُمكن القول أنه فن قديم وعلم جديد، ففن لأن يوليوس قيصر قد استخدمه قديمًا، أما علم فلأنه ارتبط ببعض العلوم الأُخرى التي ظهر بعضها في 791. وما بعدها كالجبر، نظرية الأعداد، نظرية التعقيد، ونظرية المعلومات. ينقسم علم التعمية إِلى قسمين: (1) التشفير. (2) كسر التشفير. فواضع التعمية يكون هدفه الأساسي هو ضمان سرية المعلومات المنقولة أو تحريفها بشكل يُؤدي إِلى قبولها على أنها المعلومات الصحيحة.
2- استخدام التشفير مُنذ أقدم العصور في المراسلات الحربية بين وكذلك في الدبلوماسية والتجسس في شكليهما المبكرين. يُعتبر العلماء المُسلمون والعرب أول من اكتشف طُرق استخراج المعمَّى وكتبها وتدوينها. تقدمهم في علم الرياضيات أعطاهم الأدوات المُساعدة اللازمة لتقدم علم التعمية، من أشهرهم يعقوب بن إِسحاق الكندي صاحب كتاب علم استخراج المعمي وابن وَحشِيَّة النبطي صاحب كتاب شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام، المؤلف الذي كشف اللثام عن رموز الهيروغليفية قبل عشرة قرون من كشف شامبليون لها. وكذلك اشتهر ابن دريهم الذي كان لا يشق له غبار في فك التشفير، فكان تعطى له الرسالة معماة فما هي إِلَّا أن يراها حتى يحولها في الحين إِلى العربية ويقرئها، وله قصيدة طويلة يشرح فيها مُختلف الطرق في تعمية النصوص، وكان يحسن قراءة الهيروغليفية من أمثلة استخدام التعمية قديمًا، هو ما ينسب إِلى يوليوس قيصر من استعمال ما يُستبدل فيه كل حرف بالحرف الذي يليه بثلاثة عشر موقعًا في ترتيب الأبجدية اللاتينية، مع افتراض أن آخر حرف في الأبجدية يسبق الأول في حلقة مُتصلة.
3- وبناء على ذلك فإِننا نستطيع تعريف التعمية على أنها تحويل نص واضح مقروء إِلى نص غير مفهوم باستخدام إِحدى طُرق التعمية والتي قد تكون غير سرية ولكنها تستخدم مفاتحًا سريًا يُمكن من يمتلكه من أن يعيد النص المعمي إِلى النص الواضح. أما كسر التعمية فهي العملية العكسية للتعمية، أي محاولة معرفة المفتاح السري من النص معمي ومن ثم الحصول على النص الواضح. ويتضح لنا أن علم التعمية قائم على العناصر التالية: مرسل – مستقبل – رسالة – النص الواضح – النص المعمي – مفتاح التعمية. الآن نقدم تعريف رياضي لنظام التعمية.
4- علم التعمية أو علم التشفير هو علم ومُمارسة إِخفاء البيانات؛ أي بوسائل تحويل البيانات (مثل الكتابة) من شكلها الطبيعي المفهوم لأي شخص إِلى شكل غير مفهوم بحيث يتعذَّر على من لا يملك معرفة سرية محددة معرفة فحواها. يحظى هذا العلم اليوم بمكانة مرموقة بين العلوم، إِذ تنوعت تطبيقاته العملية لتشمل مجالات مُتعددة نذكر منها: المجالات الدبلوماسية، العسكرية، الأمنية، التجارية، الاقتصادية، الإِعلامية، المصرفية والمعلوماتية. في شكلها المعاصر، التعمية علم من أفرع الرياضيات وعلوم الحوسبة.
5- تُصنف التعمية في منظومتين: التشفير والترميز. والفارق الرئيسي بينهما هو طول المقطع المعتمد من النص الواضح عند تحويله إِلى نص معمّي، فالتشفير يتناول كل حرف من حروف النص الواضح أو مجموعة حروف لا تزيد على ثلاثة، في حين تتناول منظومة الترميز كلمة أو عبارة أو جُملة بكاملها وفق لائحة مُتفق عليها.
6- في العصر الحديث، تُعد آلة إنجما التي استخدمها الجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية، أبرز مثال على استخدام التعمية لتحقيق تفوق على العدو في مجال الاتصالات، وكانت الأبحاث التي جرت بشكل مُنفصل في كل من المؤسستين العسكريتين الأمريكية والبريطانية في سبعينيات القرن العشرين فتحًا جديدًا فيما صار يعرف الآن بتقنيات التعمية القوية المعتمدة على الحوسبة، وارتبطت التعمية بعلوم الجبر ونظرية الأعداد ونظرية التعقيد ونظرية المعلوميات.
الذي يكسر الشفرة يكون مُطمئنًا لأنه يكون مُعتمدًا على اطمئنان المعمي إلى ......................